وصية عظيمة....بقلم عبد الله الميمان

من طرف **الحلم** الأربعاء أغسطس 11, 2010 3:40 pm

ما أعظم الوصايا وما أشد نفعها وما أحوج الناس إليها لا سيما إذا خرجت من شخص مجرب قد عركته السنون فأكسبته خبرة في الواقع، وهو ما اتسمت به هذه الوصية التي سأنقلها لكم.

إنها وصية من شيخ إمام علامة حبر فهامة ،جدد ما اندرس من معالم هذا الدين في القرن الثامن الهجري،وقف للمبتدعة بالمرصاد وألقمهم الحجر تلو الحجر فلم يحيروا جوابا،فألبوا عليه السفهاء فرموه بكل مذمة ونقيصة فلم يزده ذلك إلا رفعة في الدنيا والآخرة بإذن الله.

لعلكم عرفتموه: إنه شيخ الإسلام أحمد بن عبدالحليم بن عبدالسلام بن تيمية الحراني رحمه الله ، أوصى بهذه الوصية طالبا نجيبا من طلابه حمل لواء العلم من بعده وأوذي في الله مع شيخه لكنه صبر وصابر،ومن صبر ظفر،إنه تلميذه شمس الدين أبو عبدالله محمد بن أبي بكر الزرعي(ابن قيم الجوزية)رحمه الله رحمة واسعة.

وقد نقل لنا ابن القيم رحمه الله هذه الوصية في كتابه الفذ: (مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية أهل العلم والإرادة)وهو كتاب مفيد جدا يلزم كل طالب علم مراجعته ،فقد أودع فيه من الفوائد ما لا تخطر على البال،كسائر كتبه ومؤلفاته،وقد استطرد وأطال الكلام في فضائل العلم بما قد لا تجده مسطورا عند غيره،ويكفيك أنه ذكر فيه أكثر من مائة وخمسين فضيلة للعلم.

لا نطيل عليكم فهذه هي الوصية:

يقول ابن القيم رحمه الله: (وقال لي شيخ الإسلام رضي الله عنه-وقد جعلت أورد عليه إيرادا بعد إيراد- ]لا تجعل قلبك للإيرادات والشبهات مثل السفنجة،فيتشربها فلا ينضح إلا بها،ولكن اجعله كالزجاجة المصمتة تمر الشبهات بظاهرها ولا تستقر فيها،فيراها بصفائه ويدفعها بصلابته،وإلا فإذا أشربت قلبك كل شبهة تمر عليها صار مقرا للشبهات] أو كما قال،فما أعلم أني انتفعت بوصية في دفع الشبهات كانتفاعي بذلك).

علق عليه المحقق علي الحلبي قائلا: كلمات تكتب-لعظمتها-بماء العيون فاحفظها.

المرجع: مفتاح دار السعادة(1/443) بتحقيق:علي بن حسن الحلبي الأثري،دار ابن عفان،الطبعة الأولى عام1416.