ترتيب الامام مسلم لطرق الحديث...مشاركة الفاضل حساس محمد نصر الدين

من طرف **الحلم** الأربعاء أغسطس 11, 2010 3:05 pm

ترتيب الامام مسلم لطرق الحديث...مشاركة الفاضل حساس محمد نصر الدين

الحمد لله والصلاة والسلام على المصطفى صلى الله عليه وسلم .

ان ترتيب الامام مسلم رحمه الله لطرق الحديث في كتابه الصحيح قائم على منهج علمي خلاف لما ذهب به بعض أهل الحديث اذ أنه أودع في ترتيبه دقائق علمية لايطلع عليها الا الجهابدة و الحفاظ من أهل النقل والصناعة الحديثية .

كثيرا ما يغفل عنه بعض أهل العلم في ادراك فهم منهج الامام مسلم فاذا ذكر طريقا من طرق الحديث في أول الباب فمعناه أسلم من العيوب وأنقى عنده ,ويجمع تارة الطرق في أول الباب لكونها على مستوى واحد من سلامتها من العيوب .ثم اذا اتبعها بطرق أخرى لذلك الحديث وقد تكون طرق مستقلة عن الصحابي الذي قدم حديثه ,فمعناه أنها ليست في مستوى تلك لكون راويها من أهل القسم الثاني أو لسبب آخر . وعلى هذا فاذا قدم ما هو مستحق أن يؤخره ,واذا أخر ما هو مستحق أن يقدمه فمعناه أنه ادرك فيه شيئا جعله يتصرف كذلك .

اذا فالخلاصة:التزم مسلم رحمه الله ترتيب الأحاديث حسب القوة والسلامة حيث قال أنه يتوخى تقديم ما هو أسلم وأنقى ثم يتبعه بأخبار يقع في أسانيدها رواة لم يبلغوا مراتب الثقات في الحفظ و الاتقان وعليه فالحديث الذي صدر به الباب أسلم وأنقى من الحديث بعده وهذا الذي وقع فيه كثير من الناس اذ لم يراعوا الترتيب وهم مجانبون للصواب .

فاذا وجد في الترتيب خلاف لعادته فمعناه أنه أدرك فيه شيئا جعله يتصرف كذلك رحم الله أئمتنا .

عدد الروايات عند مسلم لأجل التنبيه على وجود علة .

فتجده يقدم أحاديث الثقات المتقين ثم من دونهم ,واذا كان في بعض الروايات علة فانه يؤخرها ويشير الى ما فيها وكثيرا ما يحذف موضع العلة من الحديث ويختصره [انظر كتاب الامام الترمذي والموازنة بين جامعه وبين الصحيحين لنور الدين عتر ص 85].

وحذف موضع علة يراد به أن بعض طرق الحديث يأتي في ألفاظها أوهام من ادراج أو تقديم وتأخير أو نقص أو زيادة وما شابه ذلك مما يعرف بجمع الطرق و الموازنة بينها فيعرف المحدث حصول وهم الراوي .فمن ذلك :

اخرج الامام مسلم حديث أنس في الاسراء من طريق حماد بن سلمة حدثنا ثابت البناني عن أنس بن مالك ...فساق الحديث بطوله ثم قال :حدثنا هارون بن سعيد الايلي حدثنا ابن وهب قال أخبرني سليمان وهو ابن بلال حدثني شريك بن عبد الله بن أبي نمر قال سمعت أنس بن مالك يحدثنا عن ليلة أسري برسول الله صلى الله عليه وسلم من مسجد الكعبة أنه جاءه ثلاثة نفر قبل أن يوحى اليه وهو نائم في المسجد الحرام ..وساق الحديث بقصته نحو حديث ثابت البناني وقدم فيه و أخر وزاد ونقص . وهذا الحديث من طريق شريك عن أنس لم يذكر مسلم لفظه وذلك لما أشار اليه من وجود تقديم وتأخير وزيادة ونقص في لفظه مقارنة بما رواه الثقات الأخرون ,وكانت هذه علة اقتضت من مسلم رواية اللفظ الذي يراه صوابا وقدمه .

ومثال آخر :حديث أبي اسحاق عن الاسود عن عائشة ,قالت [كان رسول الله عليه الصلاة وأزكى التسليم ينام وهو جنب و لايمس ماء ]هذا الحديث أخرجه الطيالسي وأحمد وأبو داود وابن ماجة وغيرهم من طرق عن أبي اسحاق بهذا اللفظ لكن أخرجه مسلم دون كلمة [لايمس ماء ].قال الحافظ في التلخيص الحبير [.. وأخرج الحديث مسلم دون قوله ولا يمس ماء ] و كأنه حذفها عمدا لأنه عللها في كتاب التمييز وهذا بخلاف صنيع الامام الترمذي الذي يقدم الذي فيه علة ثم يبين الصواب فيه .

اذا الامام مسلم رسم في صحيحه منهجا علميا رائعا كما بينه مفصلا من ترتيب الأحاديث حسب القوة والسلامة ومن شرح العلل في بعض المواضع منه حسب المناسبة رحم الله ائمتنا .

ثم لاننسى بأنه قد ذكر مسلم حديث ابن عمر في آخر الباب بعد أن اعتمد على حديث أبي هريرة في فضل الصلاة في مسجد النبوي بتقديمه من مقدمة الباب خلافا لما ذكره بعض ائمتنا والذي لم يختلف في صحته احد من النقاد الجهابدة .

فمنهج الامام مسلم في صحيحه كاف لفهم اداركه العلة التي تكمن في حديث ابن عمر كما أدركها أصحاب الصناعة الحديثية والجهابدة النقاد في مختلف العصور فحديث ابن عمر دون حديث أبي هريرة في السلامة والقوة ولذلك رتب هكذا ترتيب منهج الامام مسلم في مقدمة صحيحه .[طالب علم للأكاديمية الاسلامية المفتوحة وطالب لشيخنا الفاضل علي الصياح]

مداخلة من العضو المتأني:
فضيلة الشيخ حساس محمد نصرالدين حفظه الله من كل سوء ومكروه
في صحيح مسلم أشكل علي موضع
روى الإمام مسلم في صحيحه حديث ولوغ الكلب

"إذا ولغ الكلب في إناء أحدكم فليرقه ثم ليغسله سبع مرار "
وقد انتقد بعض الحفاظ على علي بن مسهر هذه الزيادة (فليرقه)
وقد ذكرها مسلم في أول الباب من طريق علي بن مسهر أخبرنا الأعمش عن أبي رزين وأبي صالح عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا ولغ الكلب في إناء أحدكم فليرقه ثم ليغسله سبع مرار
ثم أتبعها بروايةمن طريق اسماعيل بن زكرياقال الإمام مسلم وحدثني محمد بن الصباح حدثنا إسماعيل بن زكريا عن الأعمش بهذا الإسناد مثله ولم يقل فليرقه
فهل مسلم يعل هذه اللفظة يوم أن أتبعها برواية اسماعيل؟فإن كان نعم فلم بدأ الباب بها .
اللهم اغفرلي ولأخي وللمسلمين والمسلمات

إجابة الفاضل حساس محمد نصر الدين:
التزم مسلم ترتيب الأحاديث حسب القوة والسلامة حين قال أنه يتوخى تقديم ما هو أسلم وأنقى ,ثم يتبعه بأخبار يقع في أسانيدها رواة لم يبلغوا مراتب الثقات في الحفظ والاتقان ,وعليه فالحديث الذي صدر به الباب أسلم وأنقى من الحديث بعده,فاذا وجد في الترتيب خلاف لعادته أي فاذا قدم ما هو مستحق أن يؤخره واذا أخر ما هو مستحق أن يقدمه فمعناه أنه أدرك فيه شيئاجعله يتصرف كذلك .ثم بعد ذلك يجب ان يفهم الخلاف الذي وقع بين أهل العلم للحديث في حكم هذه الزيادة بين قابل لها ورافض اختلافا شديدا .ثم مجيء ابن الصلاح رحمه الله فبحث فيها بنحو يحل كثيرا من الخلاف ,ويحقق الرأي المحرر الواضح ,وذلك أنه قسم الزيادة في المتن الى ثلاثة أنواع :

النوع الأول :أن تخالف الزيادة ما رواه الثقات فهذه حكمها الرد ...

النوع الثاني :وهو محل الشاهد عندنا أن لايكون فيها منافاة أو مخالفة أصلا لما رواه غيره فهذه تقبل مثلما رواه جماعة عن الأعمش عن أبي رزين وأبي صالح عن أبي هريرة مرفوعا [اذا ولغ الكلب في اناء أحدكم فليغسله سبع مرات ]تفرد على علي بن مسهر عن الأعمش بزيادة فليرقه فهذه الزيادة لاتناغي ولا تخالف أصلا لما رواه غيره وهو المعقول أيضا ولذلك قبلها الجميع اذن هي مقبولة .

النوع الثالث :ماغ يقع بين هذين النوعين فله الشبه بالأول وشبه بالثاني ...فلم يصرح ابن الصلاح رحمه الله بحكم النوع الأخير المتوسط بين النوعين ...[اذا ولغ الكلب ...فليهرقه ثم ليغسله سبع مرات ]رواه مسلم بن الحجاج في الصحيح عن علي بن حجرعن علي بن مسهر وقال فيه فليرقه قال ثم ليغسله سبع مرات قال النسائي لم يذكر علي بن مسهر وقال بن منده تفرد بذكر الاراقة فيه علي بن مسهر ولا يعرف عن النبي صلى الله عليه وسلم بوجه من الوجوه الا من روايته و قال الدارقطني اسناده حسن رواته كلهم ثقات وأخرجه ابن خزيمة في صحيحه من طريق ولفظه فليهرقه وأصل الحديث في الصحيحين من رواية مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة بلفظ [اذا شرب الكلب في اناء أحدكم فليغسله سبع مرات ]هذا هو المشهور عن مالك .وحدثني محمد حدثنا اسماعيل بن زكرياء عن الأعمش ثم بهذا الاسناد مثله ولم فليرقه ...فزاد مسلم والنسائي من طريق علي بن مسهر عن الأعمش عن أبي رزين وأبي صالح عن أبي هريرة في هذا الحديث فليرقه لكن قال النسائي لاأعلم أحدا تابع علي بن مسهر على زيادة فليرقه وقال حمزة الكناني محفوظة وقال بن عبد البر لم يذكر الحغاظ من أصحاب الأعمش كأبي معاوية وشعبة وقال بن منده لاتعرف عن النبي صلى اللهعليه وسلم بوجه من الوجوه الا عن علي بن مسهر بهذا الاسناد ..

قلت قد ورد الأمر بالاراقة أيضا من طريق عطاء عن أبي هريرة مرفوعا أخرجه بن عدي في الكامل لكن في رفعه نظر والصحيح أنه موقوف وكذا ذكر الاراقة حماد بن زيد عن أيوب عن ابن سيرين عن أبي هريرة موقوفا واسناده صحيح أخرجه الدارقطني وغيره..و قوله وفي لفظ فليرقه هي من ألفاظ مسلم وهي أمر باراقة الماء ....

مداخلة من العضو عبد الله الميمان:
سئل الشيخ عبدالله السعد وفقه الله عن هذه الزيادة فذكر أنه تفرد بها علي بن مسهر،والأقرب أنه رواها بالمعنى، وهي صحيحة من حيث المعنى لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بغسله بالماء والتراب،ولا يتم ذلك إلا بإراقته، على أنه جاء الأمر بالإراقة عن أبي هريرة موقوفا.

هذا ملخص جواب الشيخ وفقه الله،وتجدونه في شرح كتاب التمييز للإمام مسلم رحمه الله،الشريط الأول أو الثاني

منقول